من وحي اللحظة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ماذا تفكر الآن ...


    مشكلات تعلم وتعليم اللغة العربية

    avatar
    Mona
    Admin


    المساهمات : 2
    تاريخ التسجيل : 11/03/2009
    العمر : 44

    مشكلات تعلم وتعليم اللغة العربية Empty مشكلات تعلم وتعليم اللغة العربية

    مُساهمة  Mona الأربعاء مارس 11, 2009 11:21 pm

    هذه المقالة جزء من محاضرة ألقاها الأستاذ الدكتور مصطفى جطل ضمن أسبوع اللغة العربية
    المقال بعنوان : مشكلات التعلم والتعليم في اللغة العربية

    المشكلات العامة في عملية التعليم :
    مسألة التعليم مسألة أساسية في بناء المجتمع وتطوره وتقدمه أو تراجعه وفساده ودماره , إن كان التعليم جيداً فالحياة جيدة , وإن كان التعليم سيئاً فالمجتمع مهدّد بالمخاطر كلها ؛ الفساد والتخلف والانهيار .
    والمشكلات العامة في التعليم تكمن في المعلم والمنهج وطريقة الإيصال , فاختيار المعلم لمراحل التعليم كافة في سورية والوطن العربي تجري على غير ما يجب أن تكون عليه , والاتساع في التعليم فرض على وزارات التربية تهاوناً وتساهلاً في قواعد الاختيار , ورحم الله ذلك الزمن الذي كان المرشح ليكون طالباً في دار المعلمين ثمّ ليكون معلماً في المرحلة الابتدائية كان يجلس أمام لجنة من التربويين والمختصين بالعلوم , فيسألونه في العلم والحياة والثقافة , ويختبرون قوة شخصيته وسرعة بديهته وأشياء يطول بيانها , فكيف نسلّم اليوم أبناءنا لمعلمين أو معلمات بعضهم جاء إلى هذه المهنة مقهوراً بلا زاد ولا معرفة ؟
    والمنهج تدخلت في وضعه الوزارة تحقيقاً لأهداف الدولة والمجتمع , ولكنّ الذين اختارتهم لذلك لم يكونوا على قدر المسؤولية , فهؤلاء يجب أن يكونوا من العلماء الذين لا يؤمنون إلا بالبحث العلمي وسيلة وسبيلاً لوضع منهاج يحقق الأهداف , ويتدرج بالمعلومات .
    وطريفة التوصيل مرتبطة بالمنهج والمعلم والاستعداد لدى المدرسة أو الوزارة لإغناء المدرسة بكل جديد متطور , لتكون المدرسة مكاناً محبباً للتلاميذ والطلاب يسعون إليه ؛ لأنه بيته أو لعله أجمل من بيوتهم .
    المشكلات الخاصة بتعليم اللغة العربية :
    - العربية محاربة : يحاربها المتربصون بالأمّة العربية , فقد زُيّنت لأولي الأمر وللمجتمع العلوم التجريبية , فالعصر عصر العلوم التكنولوجية , وكان ذلك على حساب العلوم الإنسانية وأولها وأغناها اللغة العربية , فلم يعد معلم العربية المعِّلم الأول , بل تراجع ليكون أثره ضعيفاً , وما عرف هؤلاء وأولئك أن العلوم التجريبية ذاتها سيضعف مستواها لأن الأساس فيها هو اللغة , وازدادت الأمور سوءاً في بعض الدول العربية حين أخذوا بنصائح العولمة , فأهملوا العربية , وأحلّوا الانكليزية محلّ الصدارة , وتبعتهم المدارس الخاصة في سورية وغيرها.
    - الإيهام بصعوبة العربية : أُدخل في روع الناس أن العربية لغة صعبة , عصيّة على التعلم , هي لغة قديمة , وقواعدها بائدة , لا علاقة لها بالحداثة , ولا يمكن لها التعبير عن علوم العصر, وأنا أزعم أن اللغة العربية أسهل من كلِّ اللغات إن كان المجال مجال المقارنة بين السهولة والصعوبة , ولكنّ إضعاف الإحساس بالانتماء إلى العروبة يحتاج إلى مثل هذه المقولة , وأسهم المهتمون بالعربية عن حسن نية في هذا الوهم حين اعتقدوا أن النحو والإعراب هو الذي يعلِّم العربية , وأن الألفية مثل جيد لحفظ القواعد , والحقيقة أن النحو لا يتعدّى أن يكون سياجاً واقياً وحامياً , ويحتاج إلى أن يقدّم بصورة تليق بالعربية , أمّا تعلم العربية فلا يكون إلا من النصوص , قراءة ومنهجاً وبحثاً واستقصاء .
    - الغربة بين بعض مسائل علوم العربية من جهة وبين الحياة المعاصرة من ناحية أخرى : لابدّ في اختيار عناصر المادة المدروسة , أو الكتاب المقرر في علوم العربية من التوازن بين النصوص التراثية والنصوص المعاصرة , ولابدّ من البعد عن افتعال تكوين نصوص غثّة باردة لتكون مثالاً لدروس علوم العربية , ويجب التضحية بكلّ القواعد والمسائل اللغوية التي لا صلة لها بحياتنا المعاصرة , ويجب أن توضّح العبارات المسكوكة في الإعراب أو المصطلحات النحوية القديمة كالتمييز والحال والمفعول المطلق ولا النافية للجنس وغيرها كثير , ويجب الاكتفاء بالصورة التي يجري عليها أكثر اللغة أو أكثر نصوصها الحديثة , ويجب البعد ما أمكن عن الجوازات التي جرّ إليها القياس أو التي جاءت تحت ما يسمى بالضرورة الشعرية , وأن يكون للإعراب وظيفة أساسية هي إدراك المعنى , ويجب التساهل في الشكل , وقبول التسكين مبدئياً .
    - اختيار النصوص : النصّ النثري المختار يجب أن يتميّز بعنصري التشويق والإثارة , وأن يتم اختياره وفقاً لبحث علمي , والمرد من وراء ذلك التدرج المبني على التجربة , فتختار النصوص التي تغني الطالب بالمفردات من جهة وبالأساليب من جهة أخرى , ويجب ألا تطغى النصوص القطرية , لأن اللغة العربية عاملٌ من عوامل التوحيد , وأن يكون هنالك اتفاق بين مدراء التربية في الوطن العربي على ذلك .
    - الاهتمام بالمعجم : لا أعرف لغة أغنى من اللغة العربية في معاجمها التراثية , ولكنها لتزيين المكتبات العامة أو بعض المكتبات الخاصة , ولا أعرف لغة من اللغات الحيّة أفقر من اللغة العربية في استخدام أبنائها للمعاجم العامة والخاصة , فنحن نفتقر في المعجم على تدريس طلابنا طريقة استخراج الكلمة من المعجم الذي يأخذ بآخر المفردة , والمعجم الذي يأخذ بأوائلها . والمعجم كنز من العلم والمعلومات اللغوية وغير اللغوية , والمتعلم يجب أن يكون على صلة بالمعجمات الخاصة والعامة , قيل هذا يجب أن تكون الثقافة المعجمية ثقافة عامة , ولابدّ من التوجه إلى هذا اللون من التأليف لأنه مازال قليلاً في الوطن العربي . نحن في حاجة إلى معجم معاصر يعنى بلغة الحياة التي نحياها حتى تقوم الصلة بيننا وبينه , فالصلة اليوم مقطوعة بالمعاجم القديمة لأنه لا فائدة منها .
    - اللغة والأدب : العلاقة أساسية بينهما , والمزج أو الخلط بينهما يمكن أن يؤدي إلى مشكلة تعليمية , فأنا أقترح أن يتعلم الطالب في مرحلة التعليم الأساسي الأولى القراءة والكلام بالفصيحة , ثمّ يتدرب في مرحلة التعليم الأساسي الثانية على قضايا النحو والصرف والمعجم وغيرها من خلال نصوص فيها متعة وتشويق وفائدة , أمّا الأدب وقضاياه فيجب أن يترك للمرحلة الثانوية مع تذكير دائم بما كان من قواعد علوم العربية .
    - التعبير : لا أعرف شكوى أكثر مرارة من شكوى التلاميذ والطلاب حين يكلفهم المعلم أو المعلمة بكتابة موضوع يعبرون فيه عن أمر ما , فلا المدرس يعرف الطريقة التي يوصل فيها الطلاب طريقة الكتابة , ولا الطالب قادر على الإبداع والابتكار لأنه لم يدرب على ذلك .
    ودرس التعبير أو محاولة المتعلم التعبير عن شأن من شؤونه الخاصة أو من شؤون الحياة شيء له أهمية خاصة , وهو إحدى مهارات العربية ولعله أهمها .
    للتخلص من هذه المشكلة أرى أن يختار المدرس موضوعاً كتب فيه هو أو غيره , ويطلب منهم بعد قراءته لهم ومناقشته معهم أن يكتبوا في الموضوع ذاته بعد أن يكونوا قد اطلعوا على نموذج أمامهم , وعليهم أن يتجاوزوهما أمكنهم ذلك ... ومع ذلك فالبحث في موضوع التعبير يحتاج إلى دراسة أعمق وأشمل وإلى تجريب مستمر حتى نصل إلى الطريقة المثلى لتعليم هذه المهارة .
    - ازدواجية اللغة : ليست هذه المشكلة خاصة بتعليم اللغة العربية , فأغلب اللغات إن لم يكن كلها لديه ازدواجية في اللغات بل ازدواجيات , ولكنها تصبح مشكلة عصية على الحل حين يتم التعليم بالغة المحكية , وكأن التعليم بالفصيحة خاص بدرس اللغة العربية , بل إنني أزعم أن تعليم العربية يتم باللغة المحكية , وأزعم أيضاً أن بعض أساتذة الأدب والنحو في الجامعة يعلمون بالدارجة أو المحكية . والحقيقة أن التعليم بالفصيحة ليس مقصوراً على مدرس اللغة العربية , بل هو فرض واجب على كل من يعلم , فالفصيحة وسيلة التعبير السهلة والميسورة, وعلى من لا يستطيع ذلك أن يبتعد عن هذه المهنة , وهذا الأمر يجب أن يكون قراراً سياسياً أو وزارياً ترعاه الدولة .
    - علم اللغة وتعليم اللغة : إن علم اللغة لا يعلم اللغة , إنه علم بقوانين اللغة , وفرق بين اللغة وقوانينها , فالقوانين سياج يحمي , ولكن التعلم لا يتمّ إلا من خلال الممارسة والدربة , والعدوى , فالقراءة الصحيحة للنصوص بصوت مرتفع , والكتابة بالفصيحة , ومنهم النصوص , وارتباط الكلام بعضه ببعض يؤدي إلى التعليم , ولابد من تسهيل هذا العلم , والتسهيل لا يتم إلا بتغيير القوانين , فالقانون ثابت , ولكن التسهيل يتم بإعادة النظر بالتعبير عن هذا القانون أو في اختيار القوانين اللغوية التي تشكل لغة الحياة المعاصرة .
    - البيئة اللغوية : لابد من العمل على تنقية البيئة المكتوبة من الكلمات الأجنبية أو العامية , لقد شاعت في حياتنا الكتابة بالعامية أو بالأجنبية (( والكتابة بالأجنبية اعتراف بالضعف والتخلف )) للدعايات والإعلانات , فماذا يريد أعداء الأمة أكثر من ذلك ؟ إنّ ما أراده " ولكوكس " من رجال الحماية الانكليزية في مصر وهو الكتابة بلسان العامية المصرية قد تحقق بعد نضال في معاداته لأكثر من قرن من الزمان , إنّ البيئة اللغوية النظيفة تساعد على تعلم العربية الفصيحة .
    - الإعلام : كان لابدّ للإعلام المسموع والمقروء والمرئي أثر بالغ في اتساع انتشار العربية الفصيحة , فالعربية الفصيحة التي يستخدمها الإعلام ولاسيما في نشرات الأخبار على ما فيها من أخطاء أسهمت في انتشار العربية , ولكن أصبح للإعلام دور سلبي وسيء في انتشار العاميّات , ولابد من إعادة النظر في هذا الأمر , فاستخدام الفصيحة البسيطة في المسلسلات يؤدي إلى انتشارها في الوطن العربي , ويؤدي إلى انتشار اللغة العربية الفصيحة أهم عامل للتوحيد . ولمّا كان الطفل يقضي ساعات طويلة أمام التلفاز , فإن تلك اللغة العامية التي لا نريدها تقف عائقاً أمام تعليم العربية الفصيحة .

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة أبريل 19, 2024 5:54 pm